الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة سيكا جاز في دورته الثانية: زهرة مهرجانات الجاز تفوح بالموسيقى

نشر في  21 مارس 2016  (09:48)

أثبت مهرجان سيكا جاز في دورته الثانية صواب الرؤية وأهمية تأسيس مهرجان في جهة الكاف، بالنظر للحضور الجماهيري الذي واكب فعالياته رغم المخاوف الأمنية التي تعرفها تونس بوجه عام.

جمهور الجاز من مدينة الكاف ومن زوارها ضرب موعدا في السهرة الثانية مع مجموعتين شبابيّتين، الأولى تحمل اسم لوليا "Lulia" والثانية يقودها الفنان "Guillaume Perret" من فرنسا.

مجموعة لوليا هي فرقة نشأت بهوية تمزج بين البلوز الصحراوي، الصطمبالي والروك، تتكون من مجموعة من الشباب هم سيف وصيف على آلة الغيتار، محمد عروة على العود، أنور الورغي على الة الباتري، أمين اليعقوبي على الباص، فوزي حجوني على آلة الأورغ، وغناء كل من أريج السمعلي ومحمد ربايعة.

هذه الفرقة أصيلة جهة الكاف نوعت في أغانيها وموسيقاها بين أنماط مختلفة حاولت عبرها أن تلج إلى دواخل الجمهور المتكون في معظمه من الشباب وأن تستدعيه لعالمها، فكانت فرصة للفرقة تلاقي فيها جمهورا متنوعا وأن تعرف بنفسها عن طريق وسائل الإعلام التي واكبت عرضها، كما أن الجمهور تعرّف على مجموعة صاعدة وضعت لبنة مهمة في مسيرتها عن طريق المشاركة في مهرجان سيكا جاز.

جزء السهرة الثاني أمنه الفنان الفرنسي الشاب "Guillaume Perret" وهو فنان عمل مع عدة فنانين معروفين في ميدانهم على غرار سانغوما ايفريت، كلود تشاميتشيان، لويك بونصيو، ادريان فيرو، مختار صامبا... سجّل سنة 2012 ألبومه الأوّل مع "The Electric Epic" في "John Zorn" والذي أحب عمله و قرر أن ينتج له وسما خاصا به Tzadik ليخط لنفسه طريقا فريدا وخاصا به. يجمع " Guillaume" في موسيقاه بين الجاز والروك والميتال ليكوّن باقة فنية فريدة تجعله ذو بصمة خاصة في هذا النمط الموسيقي، نمط تفاعل معه الجمهور الذي رقص وتمايل حتى آخر قطعة.

سهرة الاختتام مع الرائعة أيوكا

لا تحتاج في مدينة الكاف لكثير من الجهد لتقدم سهرة ناجحة بكل المقاييس، فالجمهور "الكافي" في الموعد دائما ليكون هو قاطرة السهرة ومحفّزا قويا لأيّ فنان يعتلي ركح "سيكا جاز". كذا كان الأمر في السهرة الثالثة والختامية للفنانة الأمريكية من أصول نيجيرية "أيوكا" التي لا تحتاج بدورها لفرقة كبيرة (يرافقها عازفان) لتبث في من أمامها روحا فيها مزيج من الموسيقى الجميلة ولكن أيضا روح المرح الإفريقية وأمورا أخرى يشرحها الرقص أكثر من الكلام، سيما مع جمهور فاق كل التوقعات من حيث العدد.

كانت سهرة السبت على ركح القصبة بمثابة لقاء بين حبيبين مضت مدة طويلة على آخر لقاء بينهما، لم يكد كل منهما يرى الآخر حتى عانقه، فلم تبخل "أيوكا" على جمهورها القادم من مناطق متعددة وليس من الكاف فقط، جمهور انطلق في الرقص والغناء منذ اعتلت الفنانة الركح.

بدت "أيوكا" فنانة ملتزمة حاملة لقضايا عصرها، فتحدثت مع جمهورها ودعت لأن "نحاول تغيير العالم" وهو ما أكدته أثناء لقاءها الإعلاميين إذ قالت إنها تأتي في هذا الوقت العصيب برسالة حب وسلام وتسامح، آملة أن يتغيّر العالم نحو الأفضل، مضيفة أنها ورغم إقامتها في بالولايات المتحدة فهي لا تنسى ما يحدث مثلا في بلدها الأم نيجيريا، حيث لا تزال مجموعة "بوكو حرام" تختطف عشرات الفتيات، زيادة على قضايا أخرى. غنت "أيوكا" أغنيتها الشهيرة "simply falling" وغنت لإفريقيا "try to africa" وأغنيات عديدة أخرى على امتداد ساعتين تقريبا.

عُرفت "أيوكا" كثيرا بالفيديو الشهيرة "simply falling" التي حصدت أكثر من 15,5 مليون مشاهد وكانت جولتها سنة 2013 ولادة نجمة عالمية حيث حققت نجاحا باهرا استقبله الجمهور والنقاد بالكثير من الترحاب.

"أيوكا" المؤلفة الغنائية والفنانة استثمرت ثقافتها وأصولها النيجيرية لتؤسس عالمها الموسيقي الخاص الفريد من نوعه، فنبرات صوتها القوية المليئة بالأمل والحياة نجحت في أن تنحت لها مكانة متميزة وسط زحمة الفنانين وجلبتهم. تعاونت في مسيرتها مع عديد الفنانين خلال جولاتها الغنائية وبرزت سنة 2008 مع " U2" عندما شاركت في أداء أغنية " Desire" من ألبوم " In The Name Of Love AfricaCelebrates U2".

المهرجان يكسب تحدي اللامركزية الثقافية

تواجه السياسة الثقافية وطرق التصرف المتصلة بها العديد من التحديات في ما يتعلق بمسألة اللامركزية، وقد مرت سنوات عديدة وتونس تشكو غياب التوازن على المستوى الكمّي والكيفي للعروض في الجهات، وحتى إن توفرت الإرادة تتغيب البرمجة الجيدة مع الصعوبات التقنية والفنيّة الملائمة التي تبقى عسيرة التوفير وإن وجدت الإرادة لدى منظمي العروض.

وفي خضم ذلك نجح سيكا جاز في إقامة مهرجان في داخل الجمهورية، بل واستقطب جمهورا من العاصمة ليحدث ما يشبه الهجرة العكسية، فضلا عن الحركية الاقتصادية، حيث امتلأت النزل والمقاهي والمطاعم بزوار الكاف المحتفلين بسيكا جاز.